يتبعوه أنفسهم، فإذا هم أولو بصيرة ووعي وعقل، وقد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه. وهذا الاعتصام بالله من الشيطان عمل وقائي، ولا شكّ أن الوقاية خير من العلاج. فإذا وقع الإنسان في معصية بادر إلى التّوبة والإنابة والرّجوع إلى الله من قريب، حتى يمحو الله عنه أثر الذّنب.
ومن المعروف أن للإنسان نزعة إلى الخير ونزعة إلى الشّرّ، وبمقدار ما يجاهد به نفسه، ويتغلّب على هوى نفسه، ووسوسة شيطانه، كان مثابا مقرّبا إلى الله تعالى،
قال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الترمذي والنسائي وابن حبان عن ابن مسعود:
«إنّ للشّيطان لمّة بابن آدم، وللملك لمّة، فأما لمّة الشيطان فإيعاد بالشّرّ وتكذيب بالحقّ، وأمّا لمّة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحقّ، فمن وجد ذلك، فليعلم أنه من الله، فليحمد الله على ذلك، ومن وجد الأخرى، فليتعوّذ من الشّيطان، ثم قرأ:{الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ}.
ثم ذكر الله مدى تأثير الشيطان على الجاهلين الفاسدين فقال:
{وَإِخْوانُهُمْ} أي وأما إخوان الشياطين الذين ليسوا بمتّقين، فإن الشياطين يتمكّنون من إغوائهم، ويمدّونهم في الغيّ أي الضّلال، ويكونون مددا لهم فيه ويعضدونهم، ولا يقصرون أبدا في حملهم على المعصية أي لا يمسكون عن إغوائهم، ولا يكفّون عن إفسادهم، حتى يصرّوا على الشّرّ والفساد؛ لأنهم لا يذكرون الله إذا نزغ بهم الشيطان، ولا يستعيذون من وسواسه، إما لعدم إيمانهم، أو لخلو قلوبهم من التّقوى.
فقه الحياة أو الأحكام:
تضمّنت آية:{خُذِ الْعَفْوَ} أصول الفضائل والأخلاق الاجتماعية، وهي تلي في المرتبة أصول العقيدة، ففي المعاملات والعادات ولدي التعامل مع الآخرين تظهر أخلاق الناس، وما أحوج الإنسان إلى هذه الأصول الخلقية في تعامله مع الغير.