١ - تكرر نزول الآيات في النضر بن الحارث، فهو في جداله في الآية المتقدمة [٣] يريد إنكار البعث، وفي هذه الآية [٨] يريد إنكار النبوة وإنكار نزول القرآن من جهة الله. وقد قيل: نزلت فيه بضع عشرة آية. وكان من قوله: إن الملائكة بنات الله، وهذا جدال في الله تعالى. ووصف هنا بأنه أعرض عن القرآن والحق، ولوى عنقه مرحا وتعظما وتكبرا، وكانت عاقبته أنه يجادل فيضل عن دين الله تعالى.
وعقابه في الدنيا الهوان والذل مما يجري له من الذكر القبيح على ألسنة المؤمنين إلى يوم القيامة، وقتل يوم بدر، ويغشى في الآخرة نار جهنم، جزاء وفاقا للكفر والمعصية، ولا يظلم ربك أحدا. وفيه دليل على أن الله لا يعذب الأطفال بكفر آبائهم.
ودليل أيضا على أن العقاب بسبب عمل الإنسان وفعله، فإذا عاقبه بغير فعله كان ذلك محض الظلم. وهو على خلاف النص.
٢ - يجب أن يكون الإيمان في القلب كالجبال الراسيات، لا يتأثر بحدوث ضرر، ولا بزوال نفع، أما المنافقون الماديون الذين ينتظرون حدوث النفع المادي من مال أو غنيمة، ويستاءون بما يتعرضون له من نقص في المال والثمرات، فهم الذين خسروا الدنيا، فلا حظ لهم في غنيمة ولا ثناء، وخسروا الآخرة بأن لا ثواب لهم فيها، بل لهم العقاب الدائم بسبب ردتهم ورجوعهم إلى الكفر.
والراجع إلى الكفر يعبد الصنم الذي لا ينفع ولا يضر، ويدعو من ضرره أدنى من نفعه في الآخرة؛ لأنه بعبادته دخل النار، ولم ير منه نفعا أصلا. أو