وكل ذلك مشروط بأدائها بخشوع وخضوع وإخلاص كما ذكر، حتى تكون ذات مدلول وروح، وذات إشعاع تملأ النفس استحضارا لعظمة الله والخوف منه، وإلا كانت مجرد حركات وأفعال مادية فاقدة الأثر المقصود منها. ثم أكد تعالى رفعة شأن الصلاة فقال:{وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ} أي إن الصلاة أكبر من سائر الطاعات، وذكر الله وتفقده الناس العابدين برحمته أكبر من ذكرهم إياه بطاعته، والله عليم بما تصنعون من خير أو شر، وعليم بذات الصدور، يعلم جميع أقوالكم وأفعالكم ونياتكم:{فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى}[طه ٧/ ٢٠] وفي ذلك وعد ووعيد، وحث على مراقبة الله في كل الأحوال، فمن يعلم أن الله يسمعه ويراه، لزم الحياء، وخشي العذاب، وأحسن العبادة. ومن أتى بالذكر النافع وهو الحاصل عن علم وتأمل ووعي قلب وتفرغ نفس مما سوى الله، نال المراد، وحقق المبتغى، وأما ما كان مجرد لقلقة باللسان، دون استحضار لعظمة الله وخشوع معه، فلا خير فيه ولا نفع.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما يأتي:
١ - خلق الله السموات والأرض على وجه الإحكام والإتقان والعدل والقسط، ولأهداف وغايات دينية ودنيوية، منها أن الإنسان يستدل بهما على وجود الخالق القادر الكامل الشامل العلم، الذي لا يعزب عن علمه أجزاء الموجودات فيهما، ولا يعجزه شيء فيهما.
٢ - إن المستفيد من خلق السموات والأرض هو الإنسان، ولا ينتفع في دلالتهما على الاعتقاد بوجود الخالق الواحد إلا المصدقون بالله ورسوله.
٣ - على المسلم مواظبة التلاوة لآي القرآن، وتبليغ أحكامها المستفادة منها، فإن القرآن كتاب هداية، ودستور حياة فاضلة.