اتباع أوامر الدين وترك نواهيه، ترغيبا في التأسي بطريقتهم، ذكر صفات الخلف الذين أتوا بعدهم ممن أضاعوا واجبات الدين، وانتهبوا اللذات والشهوات، ثم ذكر ما ينالهم من العقاب في الآخرة، إلا من تاب، فإن الله يقبل توبته، ويورثه جنات النعيم التي لا يرثها إلا الأتقياء.
قال الرازي: وظاهر الكلام. أن المراد من بعد هؤلاء الأنبياء خلف من أولادهم.
وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في قوم من هذه الأمة يتراكبون في الطرق، كما تراكب الأنعام، لا يستحيون من الناس، ولا يخافون من الله في السماء.
أخرج أحمد وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وتلا هذه الآية، قال:«يكون خلف من بعد ستين سنة، أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غيا، ثم يكون خلف يقرءون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن، ومنافق، وفاجر».
التفسير والبيان:
{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ، فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} أي فجاء خلف سوء من بعد أولئك السعداء وهم الأنبياء عليهم السلام وأتباعهم القائمون بحدود الله وأوامره، المؤدون فرائض الله، التاركون لزواجره.
أولئك الخلف يدّعون الإيمان واتباع الأنبياء، ولكنهم مخالفون مقصرون كاليهود والنصارى وفسّاق المسلمين الذين تركوا الصلاة المفروضة عليهم، وآثروا شهواتهم من المحرّمات على طاعة الله، فاقترفوا الزنى، وشربوا الخمور، وشهدوا شهادة الزور، ولعبوا الميسر، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها، فهؤلاء جزاؤهم أنهم سيلقون غيا، أي شرا وخيبة وخسارا يوم القيامة، لارتكابهم المعاصي، وإهمال الواجبات.