وقع في الماضي، مثل قوله تعالى:{وَاتَّقُوا النّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ}[آل عمران ١٣١/ ٣] وكذلك الجنة مخلوقة؛ لقوله تعالى:{أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران ١٣٣/ ٣].
ثم وصف الله تعالى أهوال النار بصفتين فقال:
الصفة الأولى:
{إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} أي إذا كانت النار بمرأى من الناظر من بعيد، سمعوا صوت غليانها، الذي يشبه صوت المتغيظ، لشدة التهابها، وصوت الزافر الحزين الذي يخرج النّفس من جوفه.
أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن جرير عن عبيد بن عمير أنه قال:«إن جهنم لتزفر زفرة، لا يبقى ملك مقرّب، ولا نبي مرسل إلا خرّ لوجهه، ترتعد فرائصه، حتى إن إبراهيم عليه السلام ليجثو على ركبتيه، ويقول: ربّ، لا أسألك اليوم إلا نفسي».
الصفة الثانية:
{إِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ، دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً، لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً، وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً} أي بعد أن وصف الله حال الكفار، وهم في بعد من جهنم، وصف حالهم عند إلقائهم فيها، فإذا ألقوا فيها في مكان ضيق مكتّفين، أي قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال والسلاسل، صاحوا واستغاثوا وقالوا: يا ثبوراه، أي يا هلاكنا احضر، فهذا وقتك، فيقال لهم: لا تنادوا هلاكا واحدا، ونادوا هلاكا كثيرا، أي أنكم وقعتم ليس في هلاك واحد، وإنما في ثبور كثير، إما لتنوع ألوان العذاب، فكل نوع منها عذاب لشدته وفظاعته، أو لأنهم كلما نضجت جلودهم بدّلوا غيرها. والمقصود تيئيسهم من الخلاص من العذاب بالهلاك، والتنبيه إلى أن عذابهم أبدي لا خلاص منه.