ما رزقناكم في سبيل الخير، شكرا على النعمة، ورحمة بالفقراء، ورعاية لمصلحة الأمة العامة، من قبل مجيء أسباب الموت ومشاهدة علاماته، فيقول الواحد منكم: هلا أمهلتني وأخّرت موتي إلى مدة أخرى قصيرة، فأتصدق بمالي، وأكن من الصالحين المستقيمين.
وهذا يدل على أن كل مفرط يندم عند الاحتضار، ويسأل طول المدة، ولو شيئا يسيرا ليستدرك ما فاته، ولكن فات الأوان.
أخرج الترمذي وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له مال يبلّغه حج بيت الله، أو تجب عليه فيه الزكاة، فلم يفعل، سأل الرجعة عند الموت»، فقال له رجل: يا ابن عباس:
اتق الله، فإنما يسأل الرجعة الكافر!! فقال: سأتلو عليكم بذلك قرآنا:
{وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها، وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} أي لن يؤخر الله أي نفس إذا حضر أجلها، وانقضى عمرها، والله لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، فهو مجازيكم عليها، بالإحسان إحسانا، وبالإساءة سخطا وعذابا، وبعدا عن الرحمة والرضوان.