بالرغم مما أبان الله تعالى من أدلة التوحيد في ظواهر الكون، فإن المشركين ظلوا يعكفون على عبادة الأصنام، فأخبر تعالى عن جهلهم في عبادة ما لا يضر ولا ينفع، بلا دليل ولا حجة في ذلك، بل بمجرد التقليد والهوى والتشهي، تاركين اتباع الرسول صلّى الله عليه وسلم الذي جاء يبشرهم بالخير إن أطاعوا، وينذرهم بالعذاب إن عصوا وأعرضوا، وهو لا يبتغي على ذلك أجرا.
ثم وجه الله تعالى رسوله بأن يتوكل على الله الحي الذي لا يموت، العالم بجميع المعلومات، القادر على كل الممكنات، فلا يرهب جانب المشركين ولا يخشى بأسهم، وأمره أيضا بأن ينزه ربه عن كل صفات النقص كالشريك والولد، ويصفه بجميع صفات الكمال، وأبان له أن وجوب السجود والعبادة لا يكون إلا للرحمن الذي خلق الكواكب السيارة وجعل لها منازل، وجعل الليل والنهار في تعاقب دائم للتذكر وتوجيه الشكر لله تعالى.
التفسير والبيان:
يخبر الله تعالى عن ضلال المشركين عن عبادة الله وجهلهم وكفرهم بربهم فيقول:
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ} أي ويعبد المشركون آلهة من غير الله لا تنفعهم عبادتها، ولا يضرهم هجرها وتركها، ولا دليل لهم على ذلك إلا مجرد الهوى والتشهي، ويتركون عبادة من أنعم عليهم بالنعم السابق ذكرها في الآيات من مدّ الظل وغيره.
{وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً} أي وكان الكافر على معصية ربه معينا للشيطان بالعداوة والشرك أو يعينه على معصية الله. والمراد: جنس الكافر وهو عام في كل كافر.