إلى ربه ويطلب الزلفى عنده بالإيمان والطاعة. وفيه إشعار بأن الطاعة تعود على صاحبها بالثواب.
{وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} نزّهه عن صفات النقصان وصفه بصفات الكمال، قائلا: سبحان الله والحمد لله. {خَبِيراً} عالما بالظاهر والباطن. {فِي سِتَّةِ أَيّامٍ} أي قدر ستة أيام من أيام الدنيا، ولو شاء لخلقهن في لمحة واحدة، ولكنه عدل إلى ذلك لتعليم خلقه التثبت والتأني في الأمر والتدرّج.
{ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} أي استوى استواء يليق به على العرش الذي هو أعظم من خلق السموات والأرض وأعظم المخلوقات، وليس خلق العرش بعد خلق السموات؛ لقوله تعالى: {وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ} [هود ٧/ ١١].
{فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} أي اسأل بالرحمن أي عن الرحمن خبيرا يخبرك بصفاته. {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ} لكفار مكة أي قال لهم الرسول صلّى الله عليه وسلم، فهو الآمر بالسجود. {لِما تَأْمُرُنا} للذي تأمرنا به أي تأمرنا بسجوده. {وَزادَهُمْ} هذا القول {نُفُوراً} إعراضا عن الإيمان.
{تَبارَكَ} تعاظم. {بُرُوجاً} منازل الكواكب السيارة الاثني عشر المعروفة وهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت، المجموعة في قول الشاعر:
حمل الثور جوزة السّرطان... ورعى الليث سنبل الميزان
ورمى عقرب بقوس لجدي... نزح الدلو بركة الحيتان
وهي منازل الكواكب السيارة السبعة وهي المرّيخ: وله الحمل والعقرب، والزّهرة: ولها الثور والميزان، وعطارد: وله الجوزاء والسنبلة، والقمر: وله السرطان، والشمس: ولها الأسد والمشتري: وله القوس والحوت، وزحل: وله الجدي والدلو. ونظم الشاعر هذه الكواكب بقوله:
زحل شرى مرّيخه من شمه... فتزاهرت لعطارد الأقمار
وسميت بالبروج وهي لغة: القصور العالية للتشبيه بها، فهي للكواكب السيارة كالمنازل لسكانها.
{سِراجاً} هو الشمس، وقرئ: سرجا بالجمع وهي الشمس والكواكب الكبار فيها. {وَقَمَراً مُنِيراً} مضيئا بالليل، وقرئ: قمر جمع قمراء، وخص الشمس والقمر بالذكر لفضيلتهما.
{خِلْفَةً} أي يخلف كل منهما الآخر بأن يأتي بعده ويقوم مقامه فيما ينبغي أن يعمل فيه. {أَنْ يَذَّكَّرَ} أن يتذكر آلاء الله ويتفكر في صنعه، فيعلم أنه لا بدّ له من صانع حكيم واجب الذات رحيم بالعباد، ويتذكر أيضا ما فاته في أحدهما من خير فيفعله في الآخر. {أَوْ أَرادَ شُكُوراً} أن يشكر الله على ما فيه من النعم.