وقبيح. {إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ} أي ما هذا القرآن الناطق بالبعث، والذي تقوله يا محمد إلا سحر، أي تخييل وتمويه، {مُبِينٌ} أي بيّن ظاهر البطلان. ويجوز تضمين {قُلْتَ} معنى ذكرت. ومعنى قولهم:{إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ} أن السحر أمر باطل، وأن بطلانه كبطلان السحر، تشبيها له به.
المناسبة:
لما بيّن الله تعالى في الآية السابقة أنه {يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ} أردفه بما يدلّ على كونه تعالى عالما بجميع المعلومات، قادرا على كل شيء، فهو الخالق والرّازق والعالم بأحوال البشر، والباعث لهم بعد الموت، فالبعث واقع لا محالة.
التفسير والبيان:
ما من نوع من أنواع دواب الأرض أو البحر أو الجوّ إلا على الله رزقها ومعيشتها وغذاؤها المناسب لها، المعدّ لطعامها بعد البحث والحركة والعمل، ويعلم مستقرّها ومستودعها، أي يعلم منتهى سيرها في الأرض حيث تأوي إليه وهو مستقرّها، والموضع الذي تأوي إليه من وكرها، ومكان موتها ودفنها، وهو مستودعها، وهذا يشمل بداية تكوينها ووجودها في الأصلاب والأرحام وأيام الحياة والممات.
وكل ما ذكر من كلّ الدّواب وأرزاقها ومستقرّها ومستودعها ثابت مكتوب في اللوح المحفوظ الذي كتب فيه جميع مقادير الخلق.
وهذا دليل على أن الله تعالى متكفل بأرزاق المخلوقات كلها، وقد أوجب ذلك على نفسه بكلمة {عَلَى} المفيدة للوجوب تفضّلا منه ورحمة، إلا أن الرّزق بمقتضى سنّته تعالى في الكون خاضع لمبدأ ارتباط الأسباب بالمسببات، أي أن الحصول على الرّزق مرتبط بالسّعي والعمل، بعد توافر الإلهام المودع في الخلائق، وهدايتهم إلى الطّلب والتّحصيل، كما قال تعالى:{رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى}[طه ٥٠/ ٢٠].