للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستغراق، وذكر الجوف {فِي جَوْفِهِ} لزيادة تصوير الإنكار.

{أَخْطَأْتُمْ} {تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} بينهما طباق.

المفردات اللغوية:

{ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} {جَعَلَ} خلق، وهذا رد على من زعم من الكفار أن له قلبين يعقل بكل منهما أفضل من عقل محمد صلّى الله عليه وسلّم. {تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ} الظهار: أن يقول الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أمي، أو كظهر أحد محارمه، أي أنت في التحريم علي كتحريم الأم ونحوها من المحارم. {أُمَّهاتِكُمْ} أي كالأمهات في التحريم، فقد كان الظهار في الجاهلية طلاقا، أما في الإسلام فتجب فيه الكفارة قبل الجماع. {وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ} جمع دعيّ:

وهو الذي تدّعى بنوته، فيدعى لغير أبيه ابنا له، وكان له أحكام الابن في الجاهلية وصدر الإسلام، وفي الواقع هو ابن غيره. {أَبْناءَكُمْ} أي أبناء في الحقيقة. والمراد: ما جمع تعالى الزوجية والأمومة في امرأة، ولا الدعوة والنبوة في رجل، فكما لم يجعل الله قلبين في جوف لأدائه إلى تناقض: (وهو أن يكون كل منهما أصلا لكل القوى وغير أصل) لم يجعل الزوجة والدّعي اللذين لا ولادة بينهما وبينه أما ولا ابنا اللذين بينهما وبينه ولادة.

{ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ} {ذلِكُمْ} إشارة إلى كلّ ما ذكر، و {قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ} أي مجرد قول في الظاهر، لا حقيقة له في الواقع. {وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ} أي يقول ما له حقيقة مطابقة للواقع. {وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} سبيل الحق. والمراد: نفي وجود القلبين، ونفي الأمومة والبنوة عن المظاهر منها والمتبنى.

{اُدْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ} أي لكن انسبوهم إليهم. {هُوَ أَقْسَطُ‍ عِنْدَ اللهِ} تعليل لما سبق، و {أَقْسَطُ‍} أفعل تفضيل، قصد به الزيادة مطلقا، أي أعدل، والمراد: البالغ في الصدق.

سبب النزول:

نزول الآية (٤):

{ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ}:

أخرج الترمذي وحسنه عن ابن عباس قال: قام النبي صلّى الله عليه وسلّم يوما يصلي، فخطر خطرة، فقال المنافقون الذي يصلون معه: ألا ترى أن له قلبين، قلبا معكم وقلبا معه، فأنزل الله: {ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>