{فَإِيّايَ} في جواب شرط محذوف، إذ المعنى: إن أرضي واسعة إن لم تخلصوا العبادة لي في أرض، فأخلصوها في غيرها.
{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ} أي تناله لا محالة. {تُرْجَعُونَ} للجزاء، ومن هذا عاقبته ينبغي أن يجتهد في الاستعداد لذلك الجزاء. {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} لننزلنهم، وقرئ:(لنثوينهم) أي لنقيمنهم، من الثواء، أي الإقامة، وتعدية هذا الفعل إلى كلمة {غُرَفاً}: بحذف {مِنَ} أي تكون منصوبة بنزع الخافض، أو لأنه أجري مجرى (لننزلنهم).
{خالِدِينَ فِيها} ماكثين فيها على الدوام. {نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ} وقرئ: «فنعم» والمخصوص بالمدح محذوف دل عليه ما قبله، أي نعم هذا الأجر. {الَّذِينَ صَبَرُوا} أي هم الصابرون على أذى المشركين والهجرة لإظهار الدين وغير ذلك من المحن والمشاق. {وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي ولا يتوكلون إلا على الله، فيرزقهم من حيث لا يحتسبون، لأن الرازق هو الله الذي يهيئ الأسباب للرزق وحده، فلا تخافوا على معاشكم بالهجرة.
{وَكَأَيِّنْ} أي كم. {لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} أي لا تطيق حمله لضعفها. {وَهُوَ السَّمِيعُ} لأقوالكم. {الْعَلِيمُ} بضمائركم.
سبب النزول:
نزول الآية (٥٦):
{يا عِبادِيَ}: نزلت في ضعفاء مسلمي مكة، كانوا في ضيق من إظهار الإسلام بها. قال مقاتل والكلبي: هذه الآية نزلت في تحريض المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة، أي في قوم تخلفوا عن الهجرة وقالوا: نخشى إن هاجرنا من الجوع وضيق المعيشة.
نزول الآية (٦٠):
{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ}:
عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال للمؤمنين بمكة حين آذاهم المشركون: اخرجوا إلى المدينة وهاجروا، ولا تجاوروا الظلمة، قالوا:
ليس لنا بها دار ولا عقار، ولا من يطعمنا، ولا من يسقينا، فنزلت الآية:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا، اللهُ يَرْزُقُها وَإِيّاكُمْ} أي ليس معها رزقها مدخرا، وكذلك أنتم يرزقكم الله في دار الهجرة.