{مِنْ ماءٍ مَهِينٍ} من نطفة مذرة ذليلة، أو من ماء ضعيف، وهو المني. {فِي قَرارٍ مَكِينٍ} أي مستقر حريز حصين، وهو الرحم. {إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ} إلى زمان معلوم أو إلى مقدار معلوم من الوقت، وهو وقت الولادة، قدره الله تعالى. {فَقَدَرْنا} على تصويره وخلقه.
{فَنِعْمَ الْقادِرُونَ} نحن. {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} بقدرتنا على ذلك، أو على الإعادة.
{كِفاتاً} ضامة جامعة، من كفت الشيء: إذا ضمه وجمعه. {أَحْياءً وَأَمْواتاً} الأحياء:
ما ينبت، والأموات: ما لا ينبت.
{رَواسِيَ شامِخاتٍ} جبالا مرتفعة. {فُراتاً} عذبا.
المناسبة:
بعد تحذير الكفار وإنذارهم بأهوال يوم القيامة، أعقبه بتخويفهم وتحذيرهم عن الكفر، بالإهلاك كإهلاك الأمم المتقدمة، ثم هددهم بإنكار إحسانه إليهم، مبينا أمثلة ومظاهر لقدرة الله عز وجل، كخلق الإنسان وحواسه، والأرض وتثبيتها بالجبال الشامخات، وتزويدها بينابيع المياه العذبة، وذلك كله يستدعي شكر نعم الله في النفس والآفاق.
التفسير والبيان:
هدد الله تعالى الكفار بقوله:
{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ، ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ}؟ أي ألم نهلك الكفار المكذبين للرسل المخالفين لما جاءوهم به من الأمم الماضية، من لدن آدم عليه السلام كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم إلى زمن محمد صلّى الله عليه وسلّم، بالعذاب في الدنيا، ثم نتبعهم بأمثالهم وأشباههم، وهم كفار مكة حين كذبوا محمدا صلّى الله عليه وسلّم، أهلكهم الله يوم بدر وغيره من المواطن.
وفي هذا وعيد شديد لكل من كفر بالله وتخويف وتحذير من الكفر.
ثم أخبر تعالى بأن تلك سنة الله لا تبديل فيها، مع بيان حكمة الإهلاك، فقال: