{كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} أي إن سنتنا في جميع الكفار واحدة، فمثل ذلك الإهلاك للمكذبين بكتب الله ورسله، الذين أجرموا في حق أنفسهم، نفعل بكل مشرك، إما في الدنيا أو في الآخرة.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي الخزي والعذاب يوم ذلك الإهلاك للمكذبين بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر.
ثم وبخهم بتعداد النعم والامتنان عليهم، وبيان آثار القدرة الإلهية عليهم، ومحتجا بالبداءة على الإعادة فقال:
{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ، فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ، إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ، فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ}؟ أي ألا ترون وتدركون أننا نحن خلقناه من ماء ضعيف حقير، وهو المني، وضعفه واضح بالنسبة إلى قدرة الباري عز وجل، وجعلناه وجمعناه في مستقر أو مكان حريز حصين، وهو الرحم، ثم أبقاه الله إلى مدة معينة هي مدة الحمل من ستة أشهر إلى تسعة أشهر.
ونحن قدّرنا أعضاءه وصفاته، وجعلنا كل حال على الصفة التي أردنا، فنعم المقدّر الله، أو فنعم المقدّرون له نحن. أو على قراءة التخفيف (فقدرنا) أي فقدرنا على خلقه وتصويره كيف شئنا، فنعم أصحاب القدرة نحن، حيث خلقناكم في أحسن تقويم.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي خزي وعذاب في ذلك اليوم الهائل، يوم القيامة لمن كذب بقدرتنا على ذلك وبهذه المنن والنعم.
وهذا توبيخ وتخويف من وجهين:
أحدهما-أن النعمة كلما كانت أعظم، كان كفرانها أفحش.
والثاني-أن القادر على الإبداء (الخلق الأول) قادر على الإعادة، فالمنكر