للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاغة:

{فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ، وَما لا تُبْصِرُونَ} بينهما طباق السلب.

المفردات اللغوية:

{فَلا أُقْسِمُ} لا حاجة للقسم لظهور الأمر واستغنائه عن التحقيق بالقسم، أو أن المراد بهذه الصيغة القسم، أي فأقسم، وهو مستأنف، ولا: زائدة. {بِما تُبْصِرُونَ} من المشاهدات والمخلوقات. {وَما لا تُبْصِرُونَ} أي بما غاب عنكم، فهذا قسم بالمشاهدات والمغيبات، وذلك يتناول الخالق والمخلوقات بأسرها.

{إِنَّهُ} أي القرآن. {لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} أي لقول جبرائيل أو محمد عليهما السلام، رسول كريم على الله، يبلغه عن الله تعالى، فإن الرسول لا يقول عن نفسه، والمراد به هنا النبي صلّى الله عليه وسلّم في قول الأكثرين. وأما المراد به في سورة التكوير فهو جبريل عليه السلام في قول الأكثرين. {وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ} كما يزعمون؛ لأن الرسول ليس بشاعر. {وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ} كما يزعمون تارة أخرى، والكاهن: من يدعي معرفة الغيب. {قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ} أي تصدقون تصديقا قليلا، والقلة بمعناها الظاهر، وحمل الزمخشري القلة على العدم والنفي، أي لا تؤمنون البتة، وقال أبو حيان: لا يراد ب‍ {قَلِيلاً} هنا النفي المحض كما زعم الزمخشري، فإن هذا لا يكون في حال النصب، وإنما في حال الرفع {ما تَذَكَّرُونَ} تتذكرون، وقرئ: يذكرون بالياء، و {ما} مزيدة للتأكيد. والخلاصة: أنهم آمنوا بأشياء يسيرة، وتذكّروها، مما أتى به النبي صلّى الله عليه وسلّم من الخير والصلة والعفاف، فلم تغن عنهم شيئا.

{تَنْزِيلٌ} بل هو تنزيل. {تَقَوَّلَ} أي النبي، سمى الافتراء تقولا؛ لأنه قول متكلّف، والأقوال المفتراة أقاويل، تحقيرا بها. {لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} لنلنا منه عقابا بالقوة والقدرة.

{الْوَتِينَ} نياط‍ القلب، وهو عرق متصل بالقلب، إذا انقطع مات صاحبه. {فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ} أي لا أحد عن القتل أو عن النبي. {حاجِزِينَ} مانعين أو دافعين، والمراد: لا مانع لنا عنه من حيث العقاب.

{وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} أي وإن القرآن لموعظة لأهل التقوى؛ لأنهم المنتفعون به. {أَنَّ مِنْكُمْ} أيها الناس. {مُكَذِّبِينَ} بالقرآن، ومنكم مصدّقين. {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ}، وإن القرآن لحسرة عليهم إذا رأوا ثواب المؤمنين المصدقين به، وعقاب المكذبين به. {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} وإن القرآن اليقين الحق الذي لا ريب فيه. {فَسَبِّحْ} نزّه الله بذكر اسمه العظيم تنزيها له عن الرضا بالتقول عليه، وشكرا على ما أوحى إليك. وباء {بِاسْمِ} زائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>