بعد أن أثبت الله تعالى كون القرآن معجزا؛ لأنه كلام الله، فأثبت بذلك كون محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم نبيا صادقا، وبعد أن أخرستهم الحجة، ولم يجدوا ردا مقنعا، راوغ رؤساء قريش باقتراح إنزال إحدى ستة أنواع من المعجزات فقالوا:
١ - {وَقالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ.}. أي وقال زعماء مكة وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب وأبو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وأمية بن خلف وأبو البختري: لن نصدق برسالتك حتى تخرج لنا من الأرض ينبوعا يتدفق. وهو العين الجارية، فإننا في صحراء مجدبة قاحلة من أرض الحجاز، وذلك سهل على الله تعالى يسير.
٢ - {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ.}. أو يكون لك بستان من نخيل وأعناب وغيرهما تتدفق فيه الأنهار تدفقا بقوة، حتى يسقى الزرع والشجر وتخرج الأثمار.
٣ - {أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً} أو تسقط السماء علينا قطعا قطعا كما زعمت أن ربك يفعل ذلك إن شاء، ونظيره آية أخرى:{اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ}[الأنفال ٣٢/ ٨] لأنك وعدتنا أن السماء تنشق يوم القيامة، وتتساقط أطرافها، فعجّل ذلك في الدنيا، وأسقطها كسفا، أي قطعا. وهذا مشابه لما طلبه قوم شعيب إذ قالوا:
٤ - {أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً} أو تأتي بالله والملائكة معاينة ومواجهة، فيحدثونا بأنك رسول من عند الله، والمعنى: أو تأتي بالله قبيلا، وبالملائكة قبلا أي بأصناف الملائكة قبيلا قبيلا. كما في قوله تعالى: {لَوْلا أُنْزِلَ