وغرهم افتراؤهم في الدين أي خدعهم ما كانوا يختلقونه في الدّين، كقولهم:
نحن أبناء الله وأحباؤه، وسيشفع لنا الأنبياء، ونحن أولاد الأنبياء، وشعب الله المختار، وإن الله وعد يعقوب ألا يعذّب أبناءه إلا تحلّة القسم أي مدّة قصيرة.
فكيف يصنعون إذا جمعناهم للجزاء في يوم لا شك فيه، يوم تتقطع فيه الأنساب، ولا ينفع فيه مال ولا بنون، يوم توفّى كل نفس ما عملت من خير أو شرّ، دون نقص، وهم لا يظلمون فلا يزاد في العذاب شيء، كما قال تعالى:
توجب الآيات الالتزام في الأحكام الشرعية وأحكام القضاء بما أمر الله به في كتابه، وتندّد بفعل اليهود وغيرهم الذين إذا دعوا إلى التّحاكم بكتاب الله، وما فيه من اتّباع محمد صلّى الله عليه وسلّم، تولوا وهم معرضون عن حكم الله. وهذا في غاية ما يكون من ذمّهم ووصفهم بالمخالفة والعناد.
وتندّد الآيات أيضا بمزاعم اليهود أنهم ناجون يوم القيامة من النّار، وأنهم يعتمدون على الأنساب، وكونهم من سلالة الأنبياء، وأنهم شعب الله المختار.
والحقيقة أن الجزاء يكون على قدر العمل من خير أو شرّ.
وفي الآية دليل على أن من دعي إلى مجلس الحاكم ليحكم بينه وبين خصمه بكتاب الله، وجب عليه أن يجيب، ما لم يعلم أن الحاكم فاسق، أو يعلم عداؤه من المدعي والمدعى عليه، فإن لم يجب زجر وعزر.
واستنبط المالكية من الآية أنها تدلّ على أن شرع من قبلنا شرع لنا، إلا ما علمنا نسخه، وأنه يجب علينا الحكم بشرائع الأنبياء قبلنا إذا ثبتت من طريق المسلمين بنقل صحيح. وإنما لا نقرأ التوراة ولا نعمل بما فيها؛ لأن من هي في يده