{مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} أي من كان يريد بأعماله وكسبه ثواب الآخرة، نقويه ونغنيه، ونجزيه بالحسنة عشر أمثالها، إلى سبع مائة ضعف، إلى ما شاء الله.
{وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها، وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} أي ومن كان سعيه للحصول على شيء من شؤون الدنيا، وطلب لذائذها وطيباتها، وإهمال شؤون الآخرة، نعطه ما قضت به مشيئتنا، وقسمناه له في قضائنا، ولكن ليس له في الآخرة حظ، لأنه لم يعمل للآخرة، فلا نصيب له فيها.
أخرج الإمام أحمد والحاكم وصححه وغيرهما عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«بشّر هذه الأمة بالسّناء والرفعة، والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة من نصيب».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {(مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ)} الآية، ثم قال: يقول الله:
ابن آدم تفرّغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسدّ فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا، ولم أسدّ فقرك».
ولما ذكر تعالى ما شرع للناس، وهو {ما وَصّى بِهِ نُوحاً} الآية، أخذ ينكر ما شرع غيره وهو سبب ضلال المشركين، فقال: