{أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ} أي بل إن المشركين لهم أعوان من الشياطين شرعوا ما لم يشرعه الله، فلم يتبعوا ما شرع الله لك يا محمد من الدين القويم، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس، كتحريم ما حرموا عليهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وتحليل أكل الميتة والدم والقمار ونحو ذلك من الضلالات والجهالات الباطلة التي اخترعوها في الجاهلية، من التحليل والتحريم والعبادات والأموال. فالشركاء: هم شياطين الجن والإنس، وضمير {شَرَعُوا} عائد على الشركاء، وضمير {لَهُمْ} عائد على الكفار المعاصرين للرسول.
ثبت في الصحيح لدى البخاري ومسلم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«رأيت عمرو بن لحيّ بن قمعة يجرّ قصبه-أي أمعاءه-في النار» لأنه أول من سيب السوائب، وسنّ للعرب عبادة الأصنام، وكان أحد ملوك خزاعة، لذا قال تعالى:
{وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ، وَإِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} أي ولولا الحكم والقضاء السابق من الله تعالى بتأخير العذاب في هذه الأمة إلى يوم القيامة، لقضي بين المؤمنين والمشركين، وعجلت العقوبة في الدنيا لأئمة الشرك، وإن للظالمين العذاب المؤلم الشديد الموجع في جهنم، وبئس المصير.
ثم ذكر تعالى أحوال الجزاء الأخروي لكل من الظالمين والمؤمنين، فقال:
{تَرَى الظّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا كَسَبُوا، وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ} أي ترى رأي العين أو تبصر الكفار (لمقابلته بالمؤمنين) خائفين وجلين يوم القيامة مما عملوا من