السيئات في الدنيا، وجزاء ما كسبوا واقع بهم نازل عليهم لا محالة، سواء خافوا أو لم يخافوا.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنّاتِ، لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ، ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} أي والذين صدقوا بالله ورسوله، وأطاعوا ربهم فيما أمر به ونهى عنه، هم في رياضى الجنة وأطيبها وأنزهها، ولهم ما يشتهون عند ربهم من أصناف النعم وأنواع الملذات، ذلك الجزاء الممنوح لهم الذي لا يوصف ولا تعرف حقيقته هو الفضل الذي يفوق كل فضل في الدنيا، وهو النعمة التامة الشاملة. وقوله:{عِنْدَ رَبِّهِمْ} العندية عندية المكانة والتشريف، لا عندية المكان.
ثم أخبر تعالى عن حتمية وقوع هذا الجزاء، فقال:
{ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} أي إن هذا الجزاء في روضات الجنات والنعيم الشامل حاصل لهم، كائن لا محالة ببشارة الله تعالى لهم به، وتلك البشارة لهؤلاء الجامعين بين الإيمان والعمل بما أمر الله به، وترك ما نهى عنه. فقوله {ذلِكَ} إشارة إلى ما أعد لهم من الكرامة.
ثم أمر الله تعالى رسوله صلّى الله عليه وسلّم بأن يظهر ترفعه وسموه عن أعراض الدنيا ومنافعها، فقال:
{قُلْ: لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} أي قل أيها الرسول لقومك: لا أطلب منكم على تبليغ الرسالة جعلا ولا مكافأة ولا نفعا ماديا، ولكن أطلب تقدير صلة الرحم والقرابة التي بيني وبينكم، وإكرام آل بيتي وقرابتي، فتكفّوا شركم عني، وتذروني أبلّغ رسالات ربي. فقوله:{إِلاَّ الْمَوَدَّةَ} استثناء منقطع، لأن المودة ليست أجرا.