تصريح بالأمر به لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه أولى الناس به، لزيادة علمه بالله، ووثوقه عليه {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} على الكافرين إن لم يؤمنوا، لحرصك على إيمانهم، أو على المؤمنين وما فعل بهم يوم أحد {وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ} لا تك في ضيق صدر من مكرهم، أي لا تهتم بمكرهم، فأنا ناصرك عليهم {مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا} الكفر والمعاصي {وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} في أعمالهم من طاعة وصبر، بالعون والنصر، والولاية والفضل.
سبب النزول:
نزول الآية (١٢٦):
{وَإِنْ عاقَبْتُمْ}:
أخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل والبزار عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقف على حمزة، حين استشهد، وقد مثّل به فقال: لأمثّلنّ بسبعين منهم مكانك، فنزل جبريل، والنبي صلّى الله عليه وسلّم واقف، بخواتيم سورة النحل:
{وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} إلى آخر السورة، فكفّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأمسك عما أراد.
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم عن أبي بن كعب قال: لما كان أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون، ومن المهاجرين ستة، ومنهم حمزة، فمثلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربينّ عليهم، فما كان فتح مكة، أنزل الله:{وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} الآية. قال السيوطي: وظاهر هذا تأخير نزولها-أي السورة-إلى الفتح، وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد، وجمع ابن الحصار بأنها نزلت أولا بمكة، ثم ثانيا بأحد، وثالثا يوم الفتح، تذكيرا من الله لعباده.
والخلاصة: إن هذه الآية مدنية في رأي جمهور المفسرين، نزلت في شأن التمثيل بحمزة في يوم أحد، ووقع ذلك في صحيح البخاري وفي كتاب السّير.