دلت الآيات على طائفة من النعم التي أنعم الله بها على الناس وهي ما يأتي:
١ - الآية الأولى فيها تعداد نعم الله تعالى على الناس في البيوت، فذكر بيوت المدن أولا، وهي للإقامة الطويلة، ثم ذكر بيوت البدو والأعراب والرعاة، وهي بيوت الأدم وبيوت الشعر وبيوت الصوف.
٢ - وفي الآية الأولى أيضا أذن الله سبحانه بالانتفاع بصوف الغنم ووبر الإبل وشعر المعز، وفي آية أخرى أذن في الأعظم من ذلك وهو ذبحها وأكل لحومها.
ولم يذكر القطن والكتان؛ لأنه لم يكن في بلاد العرب المخاطبين به، وإنما عدّد عليهم ما أنعم به عليهم، وخوطبوا بما عرفوا وألفوا.
والآية بعمومها دلت على جواز الانتفاع بالأصواف والأوبار والأشعار على كل حال، حتى إن المالكية والحنفية قالوا: صوف الميتة وشعرها طاهر يجوز الانتفاع به على كل حال، ويغسل مخافة أن يكون علق به وسخ. ويؤيدهم
حديث أم سلمة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«لا بأس بجلد الميتة إذا دبغ، وصوفها وشعرها إذا غسل».
وروى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس:«أيما إهاب دبغ فقد طهر».
وزاد أبو حنيفة فقال: القرن والسّن والعظم مثل الشعر؛ لأن هذه الأشياء كلها لا روح فيها، فلا تنجس بموت الحيوان. وقال باقي الأئمة: إن ذلك نجس كاللحم.
وأجاز الزهري والليث بن سعد الانتفاع بجلود ميتة الأنعام، وإن لم تدبغ؛ لأن قوله تعالى:{مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ} عام في جلد الحي والميت. وخالفهما جمهور العلماء في ذلك.