بعضا، كفعل ملوك الدنيا {سُبْحانَ اللهِ} تنزيها له {عَمّا يَصِفُونَ} أي يصفونه به من الولد والشريك لما سبق من دليل فساده.
{عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ} أي عالم بما غاب وبما شوهد، وهو دليل آخر على نفي الشريك؛ لإجماع العقلاء على أنه تعالى هو المتفرد بذلك {فَتَعالى} تعاظم {عَمّا يُشْرِكُونَ} يشركونه معه.
المناسبة:
بعد إثبات البعث والجزاء بالأدلة القاطعة، والرد على منكري البعث وعبدة الأوثان أبان الله تعالى أن المشركين كاذبون مفترون في نسبة الولد لله، واتخاذ شريك له.
التفسير والبيان:
ينفي الله تعالى وينزه نفسه عن أمرين: هما اتخاذ الولد واتخاذ الشريك فقال: {مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ} أي ما جعل لنفسه ولدا، كما يزعم بعض المشركين حين قالوا: الملائكة بنات الله.
{وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ} أي وما وجد معه إله آخر يشاركه في الألوهية، لا قبل خلق العالم ولا بعد خلقه، كما يتصور الوثنيون باتخاذ الأصنام آلهة.
{إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ، وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ} أي لو قدّر تعدد الآلهة، لانفرد كل منهم بما خلق، واستقل بما أوجد، وتميز ملك كل واحد منهم عن ملك الآخر؛ لأن استمرار الشركة مستحيل، ولكان همّ كل واحد منهم أن يغلب الآخر، ويطلب قهره والتسلط عليه، لتظهر قوة القوي على الضعيف، كما هو حال ملوك الدنيا، ولو حدث هذا التغالب والانقسام لاختل نظام الوجود، ولفسدت السموات والأرض ومن فيهن.
إلا أن المشاهد أن الوجود منتظم متسق، وفي غاية النظام والكمال وارتباط