صنيعنا، وهذا صنيع الفساق في كل زمان، لا يريدون تعكير فسادهم بكلام المصلحين، ليبقوا منغمسين في الرذيلة دون منغص أو معترض.
فلما عزموا على إخراج لوط وأهله من بلدتهم دمّر الله عليهم، وللكافرين الفاسقين أمثالها، وأنجى الله المؤمنين الصالحين، قال تعالى:
{فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ} أي نجينا لوطا ومن آمن معه برسالته من أهله، أما امرأته التي كانت راضية بأفعالهم القبيحة، ومتواطئة معهم، فتدل قومها على ضيفان لوط ليأتوا إليهم، فإنا حكمنا بجعلها من الباقين في العذاب، لأن من رضي بالمنكر وإن لم يفعله فهو مقرّ به، فله جزاء الفاعلين.
{وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} أي وأنزلنا عليهم حجارة من سجيل وهو الحاصب، فأبادهم وخسف بهم الأرض، فبئس المطر مطر المنذرين بالعذاب الذين قامت عليهم الحجة، ووصلهم الإنذار الإلهي، فخالفوا الرسول وكذبوه، وهمّوا بإخراجه من قريتهم، وتلك هي عاقبة الفاسقين.
فقه الحياة أو الأحكام:
اقتضت عدالة الله تعالى ألا يعذب قوما إلا بعد إنذار، وألا يعجل لهم العقاب إلا بعد نصح وإرشاد وإمهال. وهذا ما فعله نبي الله لوط عليه السلام مع قومه أهل سدوم، فإنه وبخهم وأنكر عليهم بشدة فعلتهم القبيحة الشنيعة التي يعلمون أنها فاحشة، وذلك أعظم تجريما وأكبر إثما ومعصية، ويقال: إنهم كانوا يتعاطون هذه الفاحشة جهارا نهارا، ولا يستترون من بعضهم بعضا، عتوا منهم وتمردا.
ثم صرح لوط عليه السلام بذكر تلك الفعلة الشنيعة، وأعلنها لفرط قبحها