في استعمال اللفظ بطريق الحقيقة تارة (وهي استعمال اللفظ فيما وضع له من المعنى في اصطلاح التخاطب) واستعماله بطريق المجاز (استعمال الكلمة في معنى آخر غير ما وضعت له، لعلاقة بين المعنى الأصلي للكلمة، والمعنى الآخر الذي استعملت فيه)، واستخدام التشبيه (وهو أن شيئا أو أشياء شاركت غيرها في صفة أو أكثر بأداة هي الكاف ونحوها، ملفوظة أو ملحوظة) والاعتماد على الاستعارة (وهي تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه، وعلاقته دائما المشابهة)(١).
أما التشبيه:
فكثير في القرآن، سواء أكان بحسب وجه الشبه مفردا أم مركبا، فمن التشبيه المفرد أو غير التمثيل (وهو ما لا يكون وجه الشبه فيه منتزعا من متعدد، بل من مفرد، مثل زيد أسد، انتزع وجه الشبه من مفرد، وهو أن زيدا أشبه الأسد من جهة الشجاعة): قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ، خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ، ثُمَّ قالَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ}[آل عمران ٥٩/ ٣].
ومن التشبيه المركب أو تشبيه التمثيل (وهو ما كان وجه الشبه منتزعا فيه من متعدد، أو هو كما قال السيوطي في الإتقان: أن ينتزع وجه الشبه من أمور مجموع بعضها إلى بعض) قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ، ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها، كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً}[الجمعة ٥/ ٦٢] فالتشبيه مركب من أحوال الحمار، وهو حرمان الانتفاع بأبلغ نافع، مع تحمل التعب في استصحابه. وقوله تعالى:{إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ، فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ، مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَالْأَنْعامُ، حَتّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها، وَازَّيَّنَتْ، وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها، أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً، فَجَعَلْناها حَصِيداً، كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}[يونس ٢٤/ ١٠] فيه عشر جمل، وقع التركيب من مجموعها، بحيث لو سقط منها شيء، اختل التشبيه، إذ المقصود تشبيه حال الدنيا في سرعة
(١) انظر مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح: ص ٣٢٢ - ٣٣٣