هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتا، أي في الضلالة، هالكا حائرا، فأحياه الله، أي أحيا قلبه بالإيمان وهداه له، ومثل ضربه الله للكافر المنغمس في الظلمات أي الجهالات والأهواء والضلالات.
هذه مقارنة أو موازنة بين أهل الإيمان وأهل الكفر، أفمن كان ميتا بالكفر والجهل، فأحييناه بالإيمان، وجعلنا له نورا يضيء له طريقه بين الناس، وهو نور القرآن المؤيد بالحجة والبرهان؟ وهو أيضا نور الهدى والإيمان؟ كمن مثله مثل السائر في الظلمات: ظلمة الليل، وظلمة السحاب، وظلمة المطر، وهو ليس بخارج منها، أي لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص مما هو فيه.
وإذا كان الاهتداء إلى الإيمان والانغماس في ظلمات الكفر والضلال بسبب من الإنسان واختيار منه، فإن الله تعالى يزيد المؤمنين توفيقا إلى الخير، ويترك الكافرين سائرين في متاهات الكفر، لذا ختم الله الآية بقوله:{كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} أي كما زين الإيمان للمؤمنين، زين للكافرين الكفر والمعاصي، أي حسّن لكل فريق عمله، فحسّن الإيمان في أنظار المؤمنين، وحسّن الكفر والجهالة والضلالة في أعين الكافرين، كعداوة النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وذبح القرابين