الحساب في نصف نهار، كما ورد في الحديث: أنه يفرغ من الحساب في نصف ذلك اليوم، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار.
المناسبة:
هذا هو موضوع الشبهة الرابعة للمشركين منكري نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم ومكذبي القرآن، ومفادها: لم لم ينزل الله الملائكة حتى يشهدوا أن محمدا محقّ في دعواه، أو نرى ربنا حتى يخبرنا بأنه أرسله إلينا.
والشبهات الثلاث المتقدمة لهم: هي قولهم: {إِنْ هَذا إِلاّ إِفْكٌ افْتَراهُ} وما حكي عنهم: {وَقالُوا: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها} وذكرهم خمس صفات للرسول، زعموا أنها تخل بالرسالة، منها قولهم:{مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ} إلخ.
التفسير والبيان:
هذا موقف عجيب من مواقف تعنت الكفار في كفرهم وعنادهم، صوره القرآن بقوله تعالى:
{وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا} أي وقال المشركون الذين ينكرون البعث والثواب والعقاب: هلا أنزل علينا الملائكة كما تنزل على الأنبياء فنراهم عيانا، فيخبرونا بأن محمدا صلّى الله عليه وسلم صادق في دعواه النبوة، أو نرى ربنا جهارا نهارا، فيخبرنا بأنه أرسله إلينا، ويأمرنا بتصديقه واتباعه، كقولهم في آية أخرى:{أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً}[الإسراء ٩٢/ ١٧] والحقيقة أنهم لا يرومون من كلامهم هذا إلا المكابرة والتمادي في الإنكار والعناد، لذا قال تعالى:
{لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ، وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً} أي والله لقد تكبروا وأضمروا الاستكبار عن الحق، وهو الكفر والعناد في قلوبهم واعتقدوه كما قال سبحانه:{إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاّ كِبْرٌ، ما هُمْ بِبالِغِيهِ}[غافر ٥٦/ ٤٠] وتجاوزوا