{فَلَمّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ}{تَهْتَزُّ} جملة فعلية، في موضع الحال من الهاء والألف في {رَآها} أي مهتزة مشبهة جانا. {وَلّى}: أصله {وَلّى} فتحركت الياء وانفتح ما قبلها، فقلبها ألفا، وهو جواب «لمّا». و {مُدْبِراً} حال من ضمير {وَلّى} وعامله {وَلّى}. و {لَمْ يُعَقِّبْ} جملة فعلية في موضع نصب على الحال من ضمير {وَلّى} وهو العامل فيها أيضا.
{فَذانِكَ بُرْهانانِ} مبتدأ وخبر، وذان: تثنية ذا، قرئ بتخفيف النون وتشديدها، والتشديد عوض عن حذف ألف ذا التي كانت في الواحد.
البلاغة:
{تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ} تشبيه مرسل مجمل، حذف فيه وجه الشبه، فصار مجملا.
{وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ} كناية، كنى بالجناح عن اليد؛ لأنها للإنسان كالجناح للطائر.
المفردات اللغوية:
{قَضى} ... {الْأَجَلَ} أتم المدة المحددة المتفق عليها بينهما، وهو رعيه عشر سنين {وَسارَ بِأَهْلِهِ} زوجته بإذن أبيها نحو مصر، روي أنه قضى أقصى الأجلين، ثم عزم على الرجوع {آنَسَ} أبصر من بعيد {مِنْ جانِبِ الطُّورِ} من الجهة التي تلي الطور: وهو اسم لجبل في سينا {بِخَبَرٍ} عن الطريق، وكان قد أخطأها {أَوْ جَذْوَةٍ} جمرة ملتهبة أو عود غليظ في رأسه نار {تَصْطَلُونَ} تستدفئون.
{مِنْ شاطِئِ الْوادِ} من جانب {الْأَيْمَنِ} لموسى {فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ} المكان الذي بارك الله فيه لموسى لسماعه كلام الله فيها {مِنَ الشَّجَرَةِ} بدل من شاطئ بدل الاشتمال؛ لأنها كانت نابتة على الشاطئ، وهي شجرة عناب أو عليق أو عوسج {أَنْ يا مُوسى} أي يا موسى {تَهْتَزُّ} تتحرك {كَأَنَّها جَانٌّ} الجانّ: الحية الصغيرة التي توجد في الدور ولا تؤذي، أي تشبه الحية في الهيئة والجثة، أو السرعة، أو الجني في سرعة الحركة وعظم الخلقة {وَلّى مُدْبِراً} أدبر هاربا منهزما منها من الخوف {وَلَمْ يُعَقِّبْ} لم يرجع {يا مُوسى} أي نودي يا موسى {إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} من المخاوف، فإنه لا يخاف لدي المرسلون.
{اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} أي أدخلها في طوق قميصك وأخرجها {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} أي عيب كبرص ونحوه {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ} يديك المبسوطتين تتقي بهما الحية كالخائف الفزع {مِنَ الرَّهْبِ} الخوف الحاصل من إضاءة اليد، بأن تدخلها في جيبك (فتحة القميص من جهة الرأس) وعبر عن اليد بالجناح؛ لأنها للإنسان كالجناح للطائر.