للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك أنه صحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو ابن ثمان عشرة سنة، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابن عشرين سنة، وهم يريدون الشام في التجارة، فنزلوا منزلا فيه سدرة (شجرة السدر) فقعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ظلها، ومضى أبو بكر إلى راهب هناك يسأله عن الدين، فقال له: من الرجل الذي في ظل السدرة؟ فقال: ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، قال: هذا والله نبيّ، وما استظل تحتها أحد بعد عيسى بن مريم إلا محمد نبي الله، فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، وكان لا يفارق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أسفاره وحضوره، فلما نبّئ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو ابن أربعين سنة، وأبو بكر ابن ثمان وثلاثين سنة أسلم وصدّق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما بلغ أربعين سنة قال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} (١).

وقال السدّي والضحاك: نزلت في سعد بن أبي وقاص، أخرج مسلم وأهل السنن إلا ابن ماجه عن سعد رضي الله عنه قال: قالت أم سعد لسعد: أليس الله قد أمر بطاعة الوالدين، فلا آكل طعاما، ولا أشرب شرابا، حتى تكفر بالله تعالى، فامتنعت من الطعام والشراب، حتى جعلوا يفتحون فاها بالعصا، ونزلت هذه الآية: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً}.

وقال الحسن البصري: «هي مرسلة نزلت على العموم». وهذا هو الأولى، لأن حمل اللفظ‍ على العموم منذ بداية نزول الوحي أوقع وأفيد وأشمل، وإن كانت العبرة دائما لعموم اللفظ‍ لا لخصوص السبب.

المناسبة:

بعد أن ذكر الله تعالى جزاء المؤمنين الموحدين المستقيمين على الشريعة، أمر ووصى ببر الوالدين، وأشاد بصفة خاصة بالبارّ والديه بعد بلوغه سن الأربعين،


(١) أسباب النزول للواحدي النيسابوري: ص ٢١٦، تفسير القرطبي: ١٩٤/ ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>