للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاصي، فهي تقرر مبدأ المسؤولية الشخصية مثل قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر ٣٨/ ٧٤] {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} [الأنعام ١٦٤/ ٦].

فقه الحياة أو الأحكام:

ظاهر هذه الآية يدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس بواجب إذا استقام الإنسان، وأنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} [الأنعام ١٦٤/ ٦] لولا ما ورد من تفسيرها في السنة وأقاويل الصحابة والتابعين، كما تقدم في سبب النزول.

وعلى كل حال يمكن فهم الآية بغير الرجوع إلى السنة، فهي تطالب المؤمن أولا ببناء الذات والتسلح بفضائل الأعمال والاعتماد على النفس في كل أنواع القربات، واجتناب المعاصي والسيئات.

وذلك لأن هناك آيات كثيرة تطالب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تعارض بين الموضوعين، فهذه الآية في تكوين الشخصية والذات المسلمة، وآيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في النطاق الاجتماعي فهي توجب التناصح والتعاون على الخير وإقرار الفضيلة، ومقاومة الشر ومحاربة الرذيلة والمنكر.

قال سعيد بن المسيب: معنى الآية: لا يضركم من ضل إذا اهتديتم بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأما إن كانت الآية نازلة في حق غير المسلمين فلا إشكال والمعنى: عليكم أهل دينكم ولا يضركم من ضل من الكفار.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب متعين متى وجد رجاء القبول، أو رد الظالم ولو بعنف، فإن خاف الآمر ضررا في خاصته، أو فتنة يدخلها على المسلمين، أو الوقوع في التهلكة بأن يعلم يقينا أو يظن ظنا قويا بعدم جدوى نصحه إذا أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر، سقطت هذه الفريضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>