للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ، فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ} [العنكبوت ٢٩/ ٣٧].

وبعد أن نجّى الله شعيبا والذين آمنوا معه، أرسله إلى أصحاب الأيكة: وهي غيضة من الأشجار قرب مدين، وكانوا على منهج أهل مدين، فلما نهاهم عما هم عليه اتهموه بالكذب والسحر، ولم يصدقوا بنبوته؛ لأنه بشر مثلهم: {قالُوا: إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ. وَما أَنْتَ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا، وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ} [الشعراء ٢٦/ ١٨٥ - ١٨٦].

ثم طلبوا من شعيب أن يسقط‍ عليهم كسفا من السماء، أي قطعة منها، إن كان من الصادقين، وأمعنوا في الإعراض عن الحق، فأخذهم عذاب يوم الظّلّة:

بأن سلط‍ الله عليهم الحر سبعة أيام حتى غلت مياههم، ثم ساق إليهم غمامة، فاجتمعوا للاستظلال بها من وهج الشمس، فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا:

{فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء ٢٦/ ١٨٩].

التفسير والبيان:

وأرسل الله إلى مدين أخاهم شعيبا، وهي أخوة نسب لا أخوة دين، وأمرهم بتكاليف خمسة ترجع إلى أصلين: تعظيم أمر الله، ويدخل فيه الإقرار بالتوحيد والنبوة، والشفقة على خلق الله، ويدخل فيه ترك البخس، وترك الإفساد، ويجمعهما ترك الإيذاء.

وتلك التكاليف هي:

١ - الأمر بعبادة الله والنهي عن عبادة غير الله: {اُعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ}، وهذا أصل معتبر في شرائع جميع الأنبياء، ودعوة الرسل كلهم.

٢ - ادعاؤه النبوة فقال: {قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} أي قد أقام الله

<<  <  ج: ص:  >  >>