الدين وأحكام القرآن. {وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي من قبل مجيئه لفي خطأ بيّن واضح، وهو الشرك وخبائث الجاهلية. وهذا بيان لشدة حاجتهم إلى نبي يرشدهم.
{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} أي وغيرهم الآتين بعدهم، جمع آخر بمعنى: غير، وهم الذين جاؤوا بعد الصحابة إلى يوم القيامة. {لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} لم يلحقوا بهم في السابقة والفضل. {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} القوي في ملكه وتمكينه من النبوة، الحكيم في صنعه واختياره. والاقتصار على الصحابة دليل على فضلهم على من عداهم من جميع الإنس والجن إلى يوم القيامة.
{ذلِكَ فَضْلُ اللهِ} ذلك الفضل المتميز لهذا النبي عن أقرانه فضله. {يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ} تفضلا وعطية للنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه. {وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الذي يتضاءل دونه نعيم الدنيا ونعيم الآخرة.
التفسير والبيان:
{يُسَبِّحُ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} أي ينزه الله ويمجده جميع المخلوقات ناطقها وجامدها، إقرارا بوجوده ووحدانيته وقدرته، كما قال:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}[الإسراء ٤٤/ ١٧] فهو مالك السموات والأرض المتصرف فيهما بأمره وحكمته، المنزّه عن النقائص وعن كل ما يخطر بالبال، الموصوف بصفات الكمال والقوي الغالب القاهر الذي لا يغلبه غالب، بليغ العزة والحكمة، المتقن في تدبير شؤون خلقه، الحكيم في كل شيء.
وبعد تنزيه الله نفسه وصف رسوله صلى الله عليه وسلم بما تميز به من خصائص، فقال:
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ، يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ، وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ، وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي إنه سبحانه هو الذي أرسل في العرب الأميين، إذ كان أكثرهم لا يحسن القراءة والكتابة، رسولا من جنسهم فهو أمي مثلهم، كما
قال-فيما يرويه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر-: «إنا أمّة لا نكتب ولا نحسب» وقال تعالى: {وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ}[العنكبوت ٤٨/ ٢٩].
ومع كونه أميا لا يقرأ ولا يكتب ولا تعلم من أحد، كان يتلو على أمته