(مهما) وجوابه: {فَرَوْحٌ} وتقديره: فله روح، وروح: مبتدأ، وله خبره، والتقدير: مهما يكن من شيء فروح وريحان إن كان من المقربين، فحذف الشرط الذي هو (يكن من شيء) وأقيم (أما) مقامه.
وهكذا الكلام على قوله تعالى:{وَأَمّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، فَسَلامٌ} وقوله تعالى:
{وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ -لَوْ تَعْلَمُونَ -عَظِيمٌ} جملة اعتراضية بين القسم والمقسم عليه لتأكيد القسم، وقوله:{لَوْ تَعْلَمُونَ} جملة اعتراضية بين الصفة والموصوف لبيان أهمية القسم.
المفردات اللغوية:
{فَلا أُقْسِمُ} هذا قسم في كلام العرب، و «لا» مزيدة للتأكيد، كما في قوله تعالى:
{لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ}[الحديد ٢٩/ ٥٧]. واستعمال هذه الصيغة للدلالة على أن الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم، أو المراد: فأقسم {بِمَواقِعِ النُّجُومِ} مساقط الكواكب ومغاربها، وتخصيص المغارب، للدلالة على وجود مؤثر، لا يزول تأثيره. {وَإِنَّهُ} أي القسم بها. {لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} أي لو كنتم من ذوي العلم لعلمتم عظم هذا القسم، لما في المقسم به من الدلالة على عظيم القدرة، وكمال الحكمة، وفرط الرحمة، ومن مقتضيات رحمته ألا يترك عباده سدى. {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} إن المتلو عليكم لقرآن كثير النفع، لاشتماله على أصول العلوم المهمة في إصلاح المعاش والمعاد.
{فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ} في مكتوب مصون عن التغيير والتبديل، وهو المصحف، أو اللوح المحفوظ.
{لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}{لا} النافية، و {الْمُطَهَّرُونَ} الملائكة، أي لا يقربه ولا يطلع عليه إلا المنزهون من الحظوظ النفسية، وهم الملائكة. أو هو خبر بمعنى النهي، أي لا يمس القرآن إلا المطهّرون من الأحداث، فيكون نفيا بمعنى نهي. وقرئ:«المتطهرون». و «المطّهرون» بالإدغام، و «المطهرون» من أطهره، و «المطّهرون»، أي أنفسهم أو غيرهم بالاستغفار لهم والإلهام. {تَنْزِيلٌ} صفة رابعة للقرآن، أي منزّل من رب العالمين، أو وصف بالمصدر، لأنه نزّل مقسطا منجما من بين سائر كتب الله تعالى، فكأنه في نفسه تنزيل، لذا سمي به، ويقال: جاء في التنزيل كذا، ونطق به التنزيل، أو هو تنزيل، على حذف المبتدأ، وقرئ: تنزيلا أي نزل تنزيلا.
{أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ} القرآن. {مُدْهِنُونَ} متهاونون، كمن يدهن في الأمر، أي يلين جانبه، ولا يتصلب فيه، تهاونا به، ومنه يقال: المداهنة: الملاينة والمداراة. وهذا استعمال للفظ