تشتمل الآيات على موضوعات ثلاثة: التمسك بالتوحيد ولو بمخالفة أمر الأبوين رغم الأمر بالإحسان إليهما، وأقسام المكلفين الثلاثة، وبعض مظاهر الفتنة عن الدين.
الموضوع الأول:
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً، وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، فَلا تُطِعْهُما، إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ، فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي لقد أمرنا العباد بالإحسان إلى الوالدين ببرهما قولا وفعلا؛ لأنهما سبب وجوده، كما قال تعالى:
ومع هذه الوصية بالرأفة والرحمة والإحسان إليهما في مقابلة إحسانهما، فالوالد بالإنفاق والوالدة بالإشفاق، فإنه وإن حرصا على أن تتابعهما على دينهما إذا كانا مشركين، فلا تطعهما في ذلك، في دعوتهما إلى الاعتقاد فيما ليس معلوما لك؛ إذ كما
جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والحاكم عن عمران والحكم بن عمرو الغفاري:«لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق». وإذا كان لا يصح اتباع ما ليس معلوما ثبوته، فلا يجوز اتباع ما علم بطلانه بالأولى، وهذا دليل على أن متابعتهم في الكفر لا تجوز.
والسبب مرجعكم جميعا إلى يوم القيامة، المؤمن والكافر، والبار بوالديه والعاق لهما، فأجازيكم على أعمالكم، المحسن بإحسانه وصبره على دينه، والمسيء بإساءته، لذا قال محرضا على الصلاح والإيمان: