{قُلْ: مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} الكرسي، فإنها أعظم من ذلك {أَفَلا تَتَّقُونَ} تحذرون عقابه، فلا تشركوا به بعض مخلوقاته، ولا تنكروا قدرته على بعض مقدوراته {مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} ملك كل شيء {يُجِيرُ} يغيث من يشاء ويحرسه ويمنعه من الغير {وَلا يُجارُ عَلَيْهِ} لا يغاث أحد ولا يمنع منه، ومعنى الجملتين:{يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ} يحمي ولا يحمى عليه، يقال: أجرت فلانا على فلان: أي أغثته ومنعته منه {سَيَقُولُونَ لِلّهِ} جواب السؤال من جهة المعنى، وهو: من له ما ذكر؟ {فَأَنّى تُسْحَرُونَ} تخدعون، فتصرفون عن الرشد وطاعة الله وتوحيده، مع ظهور الأمر، وتظاهر الأدلة، أي كيف تخيل لكم أنه باطل؟! {بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ} بالصدق {وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} في نفيه.
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى أدلة التوحيد في الكون والأنفس، أعقبها ببيان إنكار المشركين (عبدة الأوثان) البعث والحشر مع وضوح الأدلة، وتقليدهم الأولين في الاستبعاد والتكذيب. ثم رد عليهم بأدلة ثلاثة تثبت البعث من غير شك.
التفسير والبيان:
بالرغم من زجر المشركين وتهديدهم في الآيات السابقة على تعطيل عقولهم التي ترشدهم إلى الإقرار بتوحيد الله وقدرته على البعث، فإنهم رددوا مقالة السابقين البدائيين وهي:
{بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ} أي مع كل ما سبق، فإن هؤلاء المشركين أنكروا البعث واستبعدوه، وأعادوا مقالة أسلافهم الذين كذبوا رسلهم، تقليدا أعمى لهم دون برهان، وهذا تعيير بقولهم. وتفصيل تلك المقالة من وجهين:
الأول:
{قالُوا: أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ} أي هل إذا متنا، وصرنا ترابا وعظاما بالية، نعود إلى البعث والحياة؟ فهم يستبعدون وقوع ذلك