{الم} يشبه افتتاح سورة البقرة المدنية، وجاء على وفق المعروف غالبا في السور المكية التي تبدأ بأحرف هجائية، للتنبيه على إعجاز القرآن، وللإشارة إلى أن هذه الأحرف «ألف، لام، ميم» ينطق بها العرب قاطبة، ولكنهم عاجزون عن معارضتها بالإتيان بمثل سورة أو عشر سور من القرآن، مما يدل على أنه تنزيل من حكيم حميد. {تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ} أي هذه الآيات آيات القرآن المتصف بالحكمة.
{هُدىً وَرَحْمَةً} أي الآيات هادية راحمة {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} بيان للمحسنين {هُمْ يُوقِنُونَ} هم الثانية للتأكيد {وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الفائزون، لاستجماعهم العقيدة الحقة والعمل الصالح.
التفسير والبيان:
{الم. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ} أي إن هذا القرآن مكوّن من الحروف ذاتها التي تنطقون بها، فهل تأتون بمثل آياته؟ فهذه آيات القرآن ذي الحكمة، الذي لا خلل فيه ولا عوج، ولا تناقض فيه ولا اختلاف، بل هو آيات بينات واضحات.
ثم ذكر تعالى الغاية من تنزيله فقال:
{هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ} أي هذه الآيات القرآنية هدى وشفاء من الضلال، ورحمة تنقذ المؤمنين بها من العقاب، وهم الذين أحسنوا العمل، واتبعوا الشريعة، فأقاموا الصلاة المفروضة بحدودها وفي أوقاتها، مع نوافلها، وآتوا الزكاة المفروضة عليهم إلى مستحقيها، وصدقوا وأيقنوا بوجود الآخرة وبالجزاء العادل فيها، ورغبوا إلى الله في الثواب، دون مراءاة ولا جزاء ولا شكور من الناس.
{أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أي هؤلاء الموصوفون بما ذكرهم في قمة الهداية والفلاح، فهم المهديون أي على بصيرة ونور ومنهج