بعد أن بالغ واستقصى الله تعالى في بيان وعيد الكفار، وأردفه بذكر مثل يدل على فساد مذهبهم وقبح طريقتهم في قوله:{ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً.}. أتى هنا بأسوأ اعتقادهم وهو تكذيب الله بإثبات ولد له أو شريك، وتكذيب الرسول ص بعد إثبات صدقه بالأدلة القاطعة، وختمه بوعيدهم في جهنم.
ثم أتبعه بوعد الصادق المصدوق ووعد أتباعه المصدقين المؤمنين من تكفير السيئات ومنحهم أفضل الثواب، ليكون الوعد مقرونا بالوعيد.
التفسير والبيان:
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ} هذا نوع آخر من قبائح أفعال الكفار المشركين، وهو أنهم يكذبون الله، ويكذبون القائل المحق وهو رسوله الكريم ص، والمعنى: لا أحد أظلم ممن كذب على الله، فزعم أن له ولدا أو شريكا أو صاحبة وحرّم وحلل من غير أمر الله، وكذب بما جاء به رسول الله ص من دعوة الناس إلى التوحيد، وأمرهم بالقيام بفرائض الشرع، ونهيهم عن محرّماته، وإخبارهم بالبعث والنشور.
فهم جمعوا بين طرفي الباطل: كذب على الله تعالى، وتكذيب رسول الله ص بعد قيام الأدلة القاطعة على كونه صادقا في ادعاء النبوة.
وقوله:{إِذْ جاءَهُ} أي وقت مجيئه فاجأه بالتكذيب من غير فكر ولا ترو ولا نظر، بل وقت مجيئه كذب به.
ثم أردفه بوعيدهم فقال:
{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ}؟ بلى، أي أليس في نار جهنم الواسعة