للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجاء التخفيف فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ..}. الآية قال: فلما خفف الله عنهم من العدة، نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم.

وفي كلا الحالين يطالب المسلمون القلة بمقاومة الجماعة الأكثر منهم؛ لأن العبرة بالانضباط‍ والصبر، والحزم والعزم، وصدق الإيمان، واتباع أوامر الله تعالى. وقوله: {وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ} تحذير للمؤمنين من الاعتماد على الإيمان وحده لتحقيق النصر والغلبة، فإنه لا بد مع الإيمان من أوصاف أخرى، أهمها الصبر والثبات، والإعداد المادي والنفسي الدائم، والمعرفة بحقائق الأمور، ومقاصد الجهاد.

وقد تكرر الأمر بالثبات فردا وجماعة والصبر في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى في الثبات: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال ٤٥/ ٨] وقوله: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف ٤/ ٦١] وقوله تعالى في الصبر: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران ٢٠٠/ ٣] وقوله: {وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ، وَاصْبِرُوا، إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ} [الأنفال ٤٦/ ٨].

فقه الحياة أو الأحكام:

دلت آية {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ} على الأمر بقبول عقد الصلح والمهادنة أو المسالمة إن مال إليه العدو، وعلى الأمر بالتوكل على الله، أي تفويض الأمر فيما عقد من صلح إلى الله، ليكون عونا على السلامة، والنصر عليهم إذا نقضوا العهد وعدلوا عن الوفاء. ونبه تعالى في آخر الآية بقوله: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} على الزجر عن نقض الصلح؛ لأنه تعالى عالم بما يضمره العباد، وسامع لما يقولون.

وفي هذا دلالة واضحة على أن الإسلام يؤثر السلم على الحرب، ويوجب

<<  <  ج: ص:  >  >>