العبودية لله عز وجل بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطّاغُوتِ}[النساء ٧٦/ ٤٤] وقال: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ}[الحج ٤١/ ٢٢].
ثم إنهم لا يؤمنون بالبعث والجزاء، وأما أنتم فتنتظرون إحدى الحسنيين من الغنيمة والنصر أو الشهادة في سبيل الله والظفر بالجنة.
وفي الآية عدة من الله وبشارة بأن جماعة المؤمنين إن صبروا غلبوا عشرة أمثالهم من الكفار بعون الله تعالى وتأييده. وفيها أيضا أن من شأن المؤمنين أن يكونوا واعين لأهداف القتال، يعملون لما يرضي الله عز وجل، وأن يكونوا أعلم من الكافرين بكل ما يصلح حياة البشر وارتقاء الأمم. أما الكفار والمشركون واليهود والنصارى فهم قوم ماديون يبغون من حروبهم مجرد التسلط والشهرة وإذلال الشعوب الأخرى.
ووقوف المسلم أمام عشرة من الكفار كان في مبدأ الأمر حيث كان المسلمون قلة، فطولبوا بالمرتبة العليا من الأفعال الكريمة وهي مرتبة العزيمة، وأما بعد أن كثر المسلمون، فلم يطالبوا إلا بما هو رخصة وتيسير وسهولة، لذا جاءت الآية التالية مخففة نوع التكليف، فقال تعالى:{الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ} أي لما أوجب الله على المسلم الواحد مقاومة العشرة والثبات لهم، وثقل ذلك عليهم، خفف عنهم إلى مرتبة أقل منها، هي مقاومة الواحد الاثنين، فإن يكن منكم مائة صابرة، بعد أن علم فيكم ضعفا في البدن من كثرة الجهاد والعمل، يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم ألف صابرون يغلبوا ألفين بإذن الله وقوته ومشيئته، والله دائما مع الصابرين بالمعونة والتأييد والرعاية. روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما نزلت: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} شقّ ذلك على المسلمين حين فرض عليهم ألا يفرّ الواحد من عشرة،