الرسالات السماوية، فعلى المتقدمين من أتباع الملل الأخرى الانضمام تحت لوائه، ليكون جند الإيمان في خندق واحد وصف واحد أمام معسكر الشرك والوثنية، وأما المسلمون فهم مؤمنون بكل الرسل دون تفرقة بين أحد منهم، وبما أنزل عليهم من كتب وصحف ووصايا.
وهذا ما ركز عليه القرآن بدعوة أهل الكتاب بالكف عن عنادهم وحسدهم، وقبولهم سراعا دعوة القرآن. وهاتان الآيتان لون من ألوان التعنيف والتوبيخ من الله تعالى بلطف ولين لأهل الكتاب على عنادهم للحق، وكفرهم بآيات الله (وهي القرآن وما اشتمل عليه من دلائل نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم) وصدّهم عن سبيل الله من أراده من أهل الإيمان بجهدهم، ومكرهم، مع علمهم بأن ما جاء به الرسول حق من الله، وبما عندهم من بشائر الأنبياء المتقدمين بالنبي محمد.
واستحقوا في هاتين الآيتين التهديد والوعيد، والإعلان الصريح عن إحباط المؤامرات، وكشف أنواع الخداع، وإلقاء الشبهات، وألوان المكر؛ لأن الله تعالى شهيد على صنيعهم ذلك، غير غافل عن مكائدهم، وسيجازيهم على سوء أعمالهم ومواقفهم المستغربة المتسمة بالتكذيب والجحود والعناد.
أجل! إنه إنذار في الدنيا قبل فوات الأوان، وإعلام بالحق لئلا يضل الناس، وتحذير من الميل مع أهواء النفوس التي من أخصها الحسد والعناد والكبر التي حملت أصحابها على الضلال بأنفسهم ومحاولة الإضلال لغيرهم.