وأما قول الصحابة والتابعين بالنسخ فهو مما يتفق مع علو مرتبة هؤلاء وكمالهم، حتى إنهم ليجدون أن وسوسة النفس مما تخضع للحساب، وهم يريدون التطهر من كل آثار الإثم، لذا قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين. فتحرجهم من باب كمال التزكية وتمام الطهاوة واعتقاد النقص في أنفسهم.
{وَالْمُؤْمِنُونَ} إما معطوف على {الرَّسُولُ} فكأنه قال: آمن الرسول والمؤمنون. وإما مبتدأ، و {كُلٌّ}: مبتدأ ثان، و {آمَنَ بِاللهِ}: خبره، والجملة من المبتدأ والخبر: خبر المبتدأ الأول. والعائد من الجملة إليه محذوف، وتقديره: كلهم آمن بالله. وقال:{آمَنَ}: بالإفراد، ولم يقل: آمنوا بالجمع، حملا على لفظ كل. وأضيف {بَيْنَ} إلى {أَحَدٍ}؛ لأن المراد به هاهنا الكثرة؛ لأن «أحدا» في سياق النفي يدل على الكثرة، كقوله تعالى:{وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ.}.
ثم قال:{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما}[البقرة ١٠٢/ ٢]. إذ لا تجوز إضافة {بَيْنَ} إلى الواحد.