نقاش انتهى بتبرئهم من عبادتهم، وإيراد الأدلة المتضافرة لإثبات قدرة الله على الخلق والإيجاد والبعث والإعدام.
كما أن هناك ربطا من وجه آخر بين سورتي النمل والقصص، فقد أوجز هنا ما فصّل في السورة المتقدمة من إهلاك قوم صالح وقوم لوط، ومن بيان مصير من جاء بالحسنة ومن جاء بالسيئة.
ما اشتملت عليه السورة:
تلتقي هذه السورة مع ما سبقها من سورتي الشعراء والنمل في بيان أصول العقيدة: التوحيد والرسالة والبعث في ثنايا قصص الأنبياء، وإيضاح الأدلة المثبتة لهذه الأصول في قضايا الكون وعجائبه البديعة ونظمه الفريدة.
وكان الطابع الغالب على هذه السورة تبيان قصة موسى مع فرعون التي تمثل الصراع بين طغيان القوي وضعف الضعيف، لكن الأول على الباطل والثاني على الحق، وأعوان الباطل هم جند الشيطان وأعوان الحق هم جند الرحمن.
كان فرعون معتمدا على سلطانه وقوته وثروته، فطغى وبغى، واستعبد شعب بني إسرائيل، وزاد في غلوه أنه ذبح الأبناء، واستحيا النساء، وادعى الربوبية {ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي}[القصص ٣٨/ ٢٨] وأفسد في الأرض.
واستوجب ذبح الأطفال إلقاء موسى في اليم، والتقاط آل فرعون له، ثم رده إلى أمه، ثم تربيته في قصر فرعون، إلى أن بلغ أشده وصار رشيدا قويا، فقتل قبطيا قتلا خطأ، فهرب من مصر إلى أرض مدين، فتزوج بابنة شعيب عليه السلام، ومكث راعيا ماشيته عشر سنين، ثم عاد إلى مصر، فناجى ربه في الطور، وأيده الله بمعجزات أهمها معجزة العصا واليد، فبلغ رسالة ربه، لكن كذبه فرعون وقومه علوا واستكبارا، فأغرقهم الله في البحر.