قل لهم أيها الرسول: لا يستوي أبدا الرديء والجيد، والضار والنافع، والفاسد والصالح، والحرام والحلال، والظالم والعادل، ولو أعجبك أيها المشاهد كثرة الخبيث من الناس أو المفسدين أو الأموال الحرام كالربا والرشوة والخيانة، وقلة الطيب من الصالحين والأبرار وأهل الاستقامة! فاتقوا الله يا أهل العقول، واحذروا تسلط الشيطان عليكم، فتغتروا بكثرة أهل الباطل والفساد أو كثرة المال الحرام، فإن العاقل هو الذي يتذكر ويعي ويحذر، وتقوى الله هي سبيل الفلاح والفوز والنجاة، وإحراز خيري الدنيا والآخرة.
والأمر بالتقوى تأكيد لما سبق من الترغيبات الكثيرة في الطاعة، والتحذيرات من المعصية.
فقه الحياة أو الأحكام:
ذكرت الآية أن مهمة التكليف تنتهي بمجرد تبليغ الأحكام الشرعية، ويبقى أمر التزامها والوقوف عند حدودها على الإنسان المكلف بحمل الأمانة.
وفي التزام الطاعة واجتناب المعصية تكمن الخطورة، وتظهر البطولة، ويعرف مدى الجهاد الذي جاهد به الإنسان نفسه ليحملها على الاستقامة، ويحجبها عن الانحراف، وتقديرا لهذه المخاطر والمواقف الصعبة لاختيار الحل الأفضل، رغب الله تعالى في الطاعة ونفر من المعصية في هذه الآيات في أربعة مواضع:{اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ}{وَاللهُ يَعْلَمُ}{قُلْ: لا يَسْتَوِي}{فَاتَّقُوا اللهَ}.
فأين يفر الإنسان من رقابة الله له وعلمه الشامل المحيط بكل شيء، أظهره أو أخفاه في قلبه؟