للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاغة:

{وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ} مجاز مرسل في {وَجْهَهُ} من قبيل إطلاق الجزء وإرادة الكل.

{وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} بينهما ما يسمى بالمقابلة.

{فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى} تشبيه تمثيلي، شبّه من تمسك بالإسلام بمن أراد الصعود إلى قمة جبل، فتمسك بأوثق حبل، وحذف أداة التشبيه للمبالغة.

{وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ} تقديم ما حقه التأخير لإفادة الحصر.

{عَذابٍ غَلِيظٍ‍} استعارة الغلظ‍ للشدة؛ لأنه إنما يكون للمادة الكثيفة، فاستعير للمعنى.

المفردات اللغوية:

{وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ} أي يفوض أمره إليه، ويقبل على طاعته، ويخلص عبادته إليه. {وَهُوَ مُحْسِنٌ} متقن عمله. {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى} تعلق بأوثق وأمتن ما يتعلق به، وهو الطرف الأوثق الذي يؤمن انقطاعه، وهو تمثيل للمتوكل المشتغل بالطاعة بمن أراد أن يترقى شاهق جبل، فتمسك بأوثق عرا الحبل المتدلي منه. {وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ} مرجعها؛ إذ الكل صائر إليه.

{وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} أي فلا يضرك في الدنيا والآخرة، ولا تهتم بكفره. {إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ} أي مصيرهم إلى الله في الدارين. {فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا} نجازيهم بأعمالهم بالإهلاك والتعذيب. {عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ} أي بحديث النفس الكائن في الصدور كما أنه عليم بما في غيرها، فمجاز عليه. {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً} نمتعهم في الدنيا أيام حياتهم تمتيعا قليلا أو زمانا قليلا، فإن ما يزول بالنسبة إلى ما يدوم قليل. {نَضْطَرُّهُمْ} نلزمهم في الآخرة. {إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ‍} ثقيل عليهم، وهو عذاب النار، لا يجدون عنه محيصا.

المناسبة:

بعد بيان حال الكافر المجادل في الله جهلا وعنادا، أبان الله تعالى حال المسلم، وأخبر بأن منتهى الأمور صائرة إليه، ثم أردفه بتسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم على ما يلقاه من إعراض المشركين عن دعوته عنادا، وهددهم بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، مع التنبيه بأن عذاب الآخرة أشد وأثقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>