والمرض المزمن، أو الطارئ أياما حتى يبرأ إثم وذنب في التخلف عن الجهاد، لعدم استطاعتهم. وقدم الأعمى على الأعرج، لأن عذره دائم مستمر.
قال مقاتل: هم أهل الزمانة الذين تخلفوا عن الحديبية، وقد عذرهم.
ثم رغّب سبحانه وتعالى في الجهاد وطاعة الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فقال:
{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ، يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً} أي يطع الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم بإخلاص، فيجاهد مع المؤمنين لإعلاء كلمة الله تعالى والدفاع عن دينه، يدخله الله في الآخرة جنات تجري من تحت قصورها الأنهار تتدفق عذوبة وتتلألأ بياضا، ومن يعرض عن الطاعة، ويعص الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فيتخلف عن القتال، يعذبه الله عذابا شديد الألم، في الدنيا بالمذلة، وفي الآخرة بالنار.
وبالرغم من أن طاعة كل واحد من الله والرسول طاعة الآخر، فإنه جمع بينهما بيانا لطاعة الله غير المرئي وغير المسموع كلامه، فقال: طاعته عز وجل في طاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وكلامه سبحانه يسمع من رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
فقه الحياة أو الأحكام:
يفهم من الآيات الإخبار عن أحوال ثلاث للمتخلفين:
الحال الأولى-اعتذارهم بالأموال والأهل: وهذا يدل على الأمور التالية:
١ - إن اعتذار جماعة من الأعراب كانوا حول المدينة كان بعذر سطحي واه هو الانشغال بالأموال والأهل، أي ليس لهم من يقوم بهم، بعد أن استنفرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم ليخرجوا معه حذرا من قريش، وأحرم بعمرة وساق معه الهدي (شاة ونحوها) ليعلم الناس أنه لا يريد حربا، فتثاقلوا عنه واعتلوا بالشغل، فنزلت الآية في شأنهم، وسموا بالمخلّفين أي المتروكين.