لا تعبدوا، أي بأن الشأن والحديث قولنا لكم:{أَلاّ تَعْبُدُوا}. {لَوْ شاءَ رَبُّنا} مفعول شاء محذوف، أي لو شاء ربنا إرسال الرسل. {لَأَنْزَلَ} علينا. {فَإِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ} أي فإذا أنتم بشر، ولستم بملائكة، فإنا لا نؤمن بكم وبما جئتم به. وقوله {بِما أُرْسِلْتُمْ} ليس إقرارا منهم بالإرسال، وإنما هو على حسب كلام الرسل، أي في زعمكم، وفيه تهكم، كما قال فرعون:{إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ}[الشعراء ٢٧/ ٢٦] وقولهم: {فَإِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ} خطاب منهم لهود وصالح ولسائر الأنبياء الذين دعوا إلى الإيمان بهم.
{فَأَمّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} أي فتعظموا فيها على أهلها بغير استحقاق.
{مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً؟} أي لا أحد، وهذا اغترار بقوتهم وعزيمتهم، كان واحدهم يقلع الصخرة العظيمة من الجبل بيده، ثم يجعلها حيث يشاء. {أَوَلَمْ يَرَوْا} يعلموا. {أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} أي قدرة، فإنه قادر بالذات، مقتدر على ما لا يتناهى، قوي على ما لا يقدر عليه غيره. {وَكانُوا بِآياتِنا} المعجزات. {يَجْحَدُونَ} ينكرونها مع معرفتهم بأنها حق، {وَكانُوا} معطوف على قوله: {فَاسْتَكْبَرُوا}.
{رِيحاً صَرْصَراً} شديدة البرد، تهلك بشدة بردها، مأخوذ من الصرّ: وهو البرد الذي يصرّ، أي يجمع، أو هي شديدة الصوت في هبوبها، من الصرير، فهي باردة شديدة الصوت بلا مطر. {نَحِساتٍ} مشؤومات عليهم. {عَذابَ الْخِزْيِ} عذاب الذل. {أَخْزى} أشد ذلا.
{وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} بمنعه عنهم.
{وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ} أي بينا لهم طريق الهدى والحق، بإرسال الرسل وبيان الحجج والأدلة. {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى} أي فاختاروا الضلالة والكفر على الإيمان. {فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ} صاعقة من السماء فأهلكتهم، والهون: المهين أو الذل. {بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} من اختيار الضلالة.
المناسبة:
بعد بيان إعراض عبدة الأوثان عن الإيمان بالله بالرغم من الأدلة الدالة على وجوده وتوحيده وقدرته من خلق السموات والأرض، أمر الله تعالى رسوله ص بأن ينذرهم بعذاب شديد مماثل للعذاب الذي نزل بعاد وثمود من قبلهم، مع بيان سبب العذاب النازل بكل قبيلة على حدة.