للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس قال: لما افترض الله عليهم أن يقاتل الواحد عشرة، ثقل ذلك عليهم وشق، فوضع الله ذلك عنهم إلى أن يقاتل الواحد رجلين، فأنزل الله:

{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ..}. الآية وما بعدها.

المناسبة:

بعد أن أمر الله تعالى بإعداد العدة لإرهاب الأعداء، أمر هنا بالصلح القائم على العزة والكرامة، وأنه عند توافر الرهبة إذا مالوا إلى الصلح، فالحكم قبول الصلح؛ لأن الحرب ضرورة لرد العدوان، وتحقيق حرية نشر الإسلام، ومنع الظلم والطغيان، والضرورة تقدر بقدرها، فلا يلجأ إليها إلا إذا استعصت الحلول السلمية.

التفسير والبيان:

بعد توافر الإعداد الحربي والاستعداد التام للجهاد إن مال العدو إلى طلب الصلح، وآثر السلم على الحرب والقتال، فالحكم قبول الصلح حسبما يرى الإمام من المصلحة، قال الزمخشري: والصحيح أن الأمر موقوف على ما يرى فيه الإمام صلاح الإسلام وأهله، من حرب أو سلم، وليس بحتم أن يقاتلوا أبدا، أو يجابوا إلى الهدنة أبدا (١).

ومعنى الآية: وإن جنح، أي مال الأعداء إلى السلم أو الهدنة والصلح، فمل إليها؛ لأنك أولى بالسلم منهم، وصالحهم وتوكل على الله أي ثق به، وفوّض الأمر إليه، ولا تخف من مكرهم وغدرهم في جنوحهم إلى السلم، فإن الله كافيك وعاصمك من مكرهم وخديعتهم، والله سميع لما يقولون، عليم بما يفعلون.


(١) الكشاف: ٢٢/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>