{بَراءَةٌ} خبر مبتدأ محذوف، أي هذه براءة، ويكون {مِنَ اللهِ} في موضع رفع؛ لأنه وصف براءة وتقديره: براءة كائنة من الله. ويجوز أن تكون {بَراءَةٌ} مبتدأ وخبره: {إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ}. و {مِنَ اللهِ} وصف لبراءة، و {مِنَ} لابتداء الغاية متعلق بمحذوف.
{وَأَذانٌ} معطوف على {بَراءَةٌ}، ورفعه مثل الوجهين المذكورين في {بَراءَةٌ} من أنه خبر مبتدأ محذوف، أو أنه مبتدأ، ويكون خبره {إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ}. و {مِنَ اللهِ} وصف لأذان. و {يَوْمَ الْحَجِّ}: العامل فيه الصفة. ولا يجوز أن يكون {أَذانٌ} لأنه وصف، والمصدر إذا وصف لم يعمل عمل الفعل.
{أَنَّ اللهَ} في موضع نصب بتقدير حذف حرف الجر أي بأن {وَرَسُولِهِ} بالرفع والنصب، فالرفع من وجهين: أحدهما-أنه مبتدأ وخبره محذوف، أي ورسوله بريء، وحذف لدلالة الأول عليه. والثاني-أنه معطوف على الضمير المرفوع في {بَرِيءٌ} وجاز العطف على الضمير المرفوع وإن لم يؤكد، لوجود الفصل بالجار والمجرور؛ لأنه يقوم مقامه. أو معطوف على محل: إن واسمها في قراءة من كسرها إجراء للأذان مجرى القول. وأما بالنصب فهو عطف على اسم {أَذانٌ} أو لأن الواو بمعنى مع.
ولا تكرار لمعنى {بَراءَةٌ} لأن قوله {بَراءَةٌ مِنَ اللهِ} إخبار بثبوت البراءة و {بَرِيءٌ} إخبار بوجوب الاعلام بذلك، ولذلك علقه بالناس، ولم يخص بالمعاهدين.
البلاغة:
{بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} تنوين {بَراءَةٌ} للتفخيم، وتقييدها بأنها {مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} لزيادة التهويل. {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا} أسلوب تهكمي؛ لأن البشارة بالعذاب، وهي تكون عادة بما هو مفرح.
المفردات اللغوية:
{بَراءَةٌ} أي تبرؤ من الله ورسوله، يقال: برئ من العهد أو المرض: خلص منه، وبرئ من الذنب: تركه وتباعد عنه، وبرئ من الدين: أسقط عنه. {عاهَدْتُمْ} المعاهدة: عقد العهد بين فريقين على شروط يلتزمونها. وكانت توثق بالأيمان بوضع كل فريق يمينه في يمين الآخر، فسميت أيمانا في قوله تعالى:{إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ} أي لا عهود لهم. والمراد من المعاهدين هنا:
ذوي العهود المطلقة غير المؤقتة، أو من له عهد دون أربعة أشهر، فيكمل له أربعة أشهر، وكذا من