يحرمون ما أنعم الله به عليهم، ويضيّقون على أنفسهم، فيجعلون بعضا حلالا وبعضا حراما، وقد وقع في هذا المشركون فيما شرعوه لأنفسهم، وأهل الكتاب فيما ابتدعوه في دينهم. وربما وقع فيه بعض المسلمين، فتغالوا في الزهد وتركوا طيبات الرزق، أو أسرفوا في الأكل والشرب والزينة، مخالفين نهج الإسلام في التوسط والاعتدال في الإنفاق، كما قال تعالى:{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ، وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ، فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً}[الإسراء ٢٩/ ١٧] وقال سبحانه: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ، وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللهُ، لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها}[الطلاق ٧/ ٦٥].
وأيدت السنة ذلك الاتجاه،
روى البخاري والطبراني عن زهير بن أبي علقمة مرفوعا:«إذا آتاك الله مالا فلير عليك، فإن الله يحب أن يرى أثره على عبده حسنا، ولا يحب البؤس ولا التباؤس».
وأخرج أحمد عن أبي الأحوص عن أبيه قال:«أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأنا رثّ الهيئة فقال: هل لك مال؟ قلت: نعم، قال: من أيّ المال؟ قلت: من كل المال، من الإبل والرقيق والخيل والغنم. فقال: إذا آتاك الله مالا فلير أثر نعمته عليك وكرامته».
فقه الحياة أو الأحكام:
تضمنت الآيات ما يأتي:
١ - الشيء الذي جعله أهل الجاهلية المشركون حراما: هو ما حكموا به من تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، كما ذكر في سورة المائدة، وهو أيضا المذكور في سورة الأنعام من جعل نصيب من الزروع والثمار والمواشي لله تعالى يصرفونه إلى الضيفان والمساكين، ولشركائهم نصيبا يصرفونه إلى سدنتها، كما قال تعالى:{وَجَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً}[الأنعام ١٣٦/ ٦].