وغيره، ويعلم ما ينزل من السماء من الأمطار والثلوج والبرد والصواعق والأرزاق والمقادير والبركات، وما يعرج فيها من الملائكة وأعمال العباد، وهو الرحيم بعباده الغفور لذنوب التائبين منهم.
وهذا ويلاحظ كما ذكر الرازي أن السور المفتتحة بالحمد خمس سور، سورتان منها في النصف الأول: وهما الأنعام والكهف، وسورتان في الأخير: وهما هذه السورة وسورة فاطر (سورة الملائكة)، والفاتحة التي تقرأ مع النصف الأول ومع النصف الأخير، والحكمة فيها أن نعم الله منحصرة في قسمين: نعمة الإيجاد ونعمة الإبقاء، ففي سورة الأنعام إشارة إلى الشكر على نعمة الإيجاد:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ}[١] وفي سورة الكهف إشارة إلى الشكر على نعمة الإبقاء: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً، قَيِّماً}[١ - ٢] فإن بالشرائع البقاء. ثم في هذه السورة {الْحَمْدُ لِلّهِ} إشارة إلى نعمة الإيجاد الثاني في قوله: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ} وفي سورة فاطر إشارة إلى نعمة الإبقاء الثاني وهو في يوم القيامة؛ لأن الملائكة لا تكون رسلا إلا يوم القيامة يرسلهم الله مسلّمين، كما قال تعالى:{وَتَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِكَةُ}[الأنبياء ١٠٣/ ٢١]. وفي فاتحة الكتاب إشارة إلى النعمة العاجلة بقوله:{الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}[١] وإلى النعمة الآجلة بقوله: {مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[٤] لذا قرئت في الافتتاح والاختتام.