والشر. {ما وَعَدَ رَبُّكُمْ} من العذاب وتسميته هنا وعدا تهكم أو من قبيل المشاكلة. {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ} نادى مناد، والأذان: رفع الصوت بالإعلام بالشيء. {لَعْنَةُ اللهِ} اللعنة: الطرد من رحمة الله مع الإهانة والخزي. {وَيَبْغُونَها} يطلبون السبيل. {عِوَجاً} معوجا أو ذا عوج أي غير مستقيم، والعوج: للمرئيات، والعوج: لغير المرئي كالقول والرأي. {حِجابٌ} حاجز أو سور بين الجنة والنار. {وَعَلَى الْأَعْرافِ} جمع عرف وهو أعلى الشيء وكل مرتفع من الأرض وغيرها، والمراد هنا: سور الجنة. {رِجالٌ} استوت حسناتهم وسيئاتهم. {بِسِيماهُمْ} بعلامتهم، وهي بياض وجوه المؤمنين، وسواد وجوه الكافرين، لرؤيتهم لهم، إذ موضعهم عال. {لَمْ يَدْخُلُوها} أي أن أصحاب الأعراف لم يدخلوها الجنة. {وَهُمْ يَطْمَعُونَ} في دخولها. {صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ} حوّلت أبصار أهل الأعراف. {تِلْقاءَ} جهة.
المناسبة:
لما بيّن الله تعالى وعيد الكفار وثواب أهل الطاعة والإيمان، أتبعه بذكر المناظرات التي تدور بين الفريقين، بعد استقرار كل فريق في موضعه من النار أو الجنة.
وهذه المناظرة تشعر بأن أهل الجنة يشرفون من علو على أهل النار، وأن بعضهم يخاطب بعضا ليزداد أهل الجنة معرفة بمقدار النعمة، ويزداد أهل النار حسرة على ما فرطوا في الدنيا.
ومع أن الجنة في أعلى السموات والنار في أسفل الأرضين، فيمكن حصول هذا النداء مع هذا البعد الشديد، لأن لعالم الآخرة أحوالا تختلف عن عالم الدنيا، فيستطيع الإنسان أن يسمع ويرى من بعيد، ولأن البعد والقرب ليس من موانع الإدراك، كما قال الرازي.
التفسير والبيان:
يخبر الله تعالى بما يخاطب به أهل النار تقريعا وتوبيخا، وأن هذا النداء:
{وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ} إنما يحصل بعد استقرار الفريقين في